مسلمة مشرفة
المساهمات : 71 تاريخ التسجيل : 01/08/2007
| موضوع: الأصول الثلاثة وأدلتها الأربعاء أغسطس 08, 2007 12:10 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله
الأصول الثلاثة وأدلتها لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: الأولى: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلامبالأدلة. الثانية: العمل به. الثالثة: الدعوة إليه. الرابعة:الصبر على الأذى فيه. والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:1-3]. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ( لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورةلكفتهم ). وقال البخاري رحمه الله تعالى: ( باب العلم قبل القول والعمل، والدليل قولهتعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْلِذَنبِكَ[محمد:19]. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ). اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، تعلم هذه الثلاث مسائل، والعمل بهن: الأولى:أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً،فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار. والدليل قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداًعَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُالرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً[المزمل:16،15]. الثانية:أن الله لا يرضي أن يُشرك معه أحد في عبادته لا ملَك مقرب ولانبي مرسل. والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَاللَّهِ أَحَداً[الجن:18]. الثالثه:أن من أطاع الرسول ووحّد الله لا يجوز له موالاة من حاد اللهورسوله، ولو كان أقرب قريب. والدليل قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواآبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَكَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْجَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُعَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِهُمُ الْمُفْلِحُونَ[المجادلة:22].اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم، أن تعبدالله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعْبُدُوِن[الذاريات:56]، ومعنىِيَعْبُدُوِنيوحدون، وأعظم ما أمر الله به: التوحيد وهو إفراد اللهبالعبادة وأعظم ما نهى عنه: الشرك، وهو دعوة غيره معه. والدليل قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّه وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً[النساء:36]. فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمد. الأصل الأول: معرفة الرب: فإذا قيل لك:من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهومعبودي ليس لي معبود سواه. والدليل قوله تعالى: الحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْن[الفاتحة:2] وكل من سوىالله عالم، وأن واحد من ذلك العالم. فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهاروالشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات السبع، والأرضون السبع، ومن فيهن وما بينهما. والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُوَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِالَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[فصلت:37]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِأَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُحَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُالْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[الأعراف:54]. والرب هو: المعبود. والدليل قوله تعالى: يَأيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا ربَّكُمُ الذَِّيخَلَقَكُم وَالذِّينَ مِن قَبلكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(21) الّذِي جَعَلَ لَكُمُالأرضَ فِرَاشًا وَالسَّمآءَ بِنآءً وَأنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَاَءً فَأخرَجَ بِهِمِن الثَّمراتِ رِزقًا لّكُم فَلاَ تَجعَلُواْ لَلَّهِ أندَادًا وَأنتُم تَعَلُمونَ[البقرة:22،21]. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ( الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة ). وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنهالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة،والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادةالتي أمر الله بها، كلها. والدليل قوله تعالى: وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَاللَّهِ أحَداً[الجن:18]. فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَابُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُالْكَافِرُونَ[المؤمنون:117]. وفي الحديث: {الدعاء مخ العبادة}. والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْإِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَدَاخِرِينَ[غافر:60]. ودليل الخوف قوله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُممُّؤْمِنِينَ[آل عمران:175]. ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْعَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً[الكهف:110]. ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُممُّؤْمِنِينَ[المائدة:23]، وقوله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِفَهُوَ حَسْبُهُ[الطلاق:3]. ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِيالْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[الأنبياء:90]. ودليل الخشية قوله تعالى: فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي[البقرة:150]. ودليل الاستعانة قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ[الناس:1]. ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْفَاسْتَجَابَ لَكُمْ[الأنفال:9]. ودليل الذبح قوله تعالى: لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْأَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام:163]. ومن السنة{لعن الله من ذبح لغير الله}. ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَشَرُّهُ مُسْتَطِيراً[الإنسان:7]. الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالإدلة وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله،وهو ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وكل مرتبة لها أركان. المرتبة الأولى: فأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامالصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام. فدليل الشهادة قوله تعالى: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَوَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[آل عمران:18]. ومعناها: لا معبود بحق إلا الله وحده (لا إله) نافياً ما يعبد من دون الله. (إلا الله) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريكفي ملكه. وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُلِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِيفَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[الزخرف:26-28]. وقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىكَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَنُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِاللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[آل عمران:64]. ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: لَقَدْجَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌعَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ[التوبة:128]. ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتنابما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: وَمَاأُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءوَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[البينة:5]. ودليل الصيام قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُالصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونََ [البقرة:183]. ودليل الحج قوله تعالى: ولِلَّهِ عَلَى الناسِ حِجُّ البَيِت مِنَ استَطَاعَإلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإنَّ الَّلهَ غَني عِن العَالَمِينَ[آل عمران:97]. المرتبة الثانية: الإيمان: وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةالأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدرخيره شره. والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْوُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ[البقرة:177]. ودليل القدر قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[القمر:49]. المرتبة الثالثة: الإحسان: ركن واحد، وهو: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ). والدليل قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَهُم مُّحْسِنُونَ[النحل:128]. وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِالرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِيالسَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[الشعراء:217 ـ220]. وقولهتعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَتَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ[يونس:61]. والدليل من السنة: حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطابقال: ( بينا نحن جلوس عند النبيإذ طلع علينا رجل شديدبياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلسإلى النبيفأسندركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقا ل: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال: {أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله،وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا}. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: أخبرني عن الإيمان. قال: {أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر،وبالقدر خيره وشره}قال: أخبرني عن الإحسان. قال: {أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك}قال أخبرني عن الساعة. قال: {ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل}. قال: أخبرني عن أماراتها. قال: {أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةرعاء الشاء يتطاولون في البنيان}قال: فمضى. فلبثنا ملياً. فقال: {يا عمر أتدرون من السائل}قلنا: اللهورسوله أعلم. قال: {هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم}. الأصل الثالث: معرفة نبيكم عليه الصلاة والسلام وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم. وهاشم من قريش، وقريش من العرب،والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. نبىء بـاقْرَأْوأرسل بـالْمُدَّثِّرُ. وبلده مكة، بعثه الله بالنذارةعن الشرك، ويدعو إلى التوحيد. والدليل قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[المدثر:1ـ7]. ومعنىقُمْ فَأَنذِرْينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيدوَرَبَّكَفَكَبِّرْعظمه بالتوحيدوَثِيَابَكَ فَطَهِّرْأي طهر أعمالك من الشركوَالرُّجْزَ فَاهْجُرْالرجز: الأصنام، وهجرها تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، أخذ على هذاعشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلواتالخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة. والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أنتقوم الساعة: والدليل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُالْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّامُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةًفَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَيَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَىاللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراًالنساء:97 ـ99]. وقوله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌفَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ[العنكبوت:56]. قال البغوي رحمه الله: ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لميهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان ). والدليل على الهجرة من السنة قوله: {لا تنقطع الهجرة حتىتنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها}. فلما استقر في المدينة، أمر ببقية شرائع الإسلام، مثل الزكاة، والصوم، والحج،والأذان، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام. أخذ على هذا عشر سنين، وبعدها توفي، صلاة الله وسلام عليه، ودينه باقٍ. وهذا دينه لا خير إلا دله الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، والخير الذي دلهاعليه: التوحيد، وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه: الشرك وجميع مايكره الله ويأباه، بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين: الجنوالإنس. والدليل قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِإِلَيْكُمْ جَمِيعاً[الأعراف:158]. وكمل الله به الدين. والدليل قول تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً[المائدة:3]. والدليل على موتهقوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْيَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ[الزمر:31،30]. والناس إذا ماتوا يبعثون، والدليل قوله تعالى: مِنْهَاخَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى[طه:55]. وقوله تعالى: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّيُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً[نوح:18،17]. وبعد البعثمحاسبون ومجزيون بأعمالهم. والدليل قول تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِيالْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَأَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى[النجم:31]. ومن كذب بالبعث كفر. والدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْبَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَعَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[التغابن:7]. وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين. والدليل قوله تعالى: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّيَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[النساء:165] وأولهم نوح عليهالسلام، وآخرهم محمدوهو خاتم النبيين. والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَاأَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ[النساء:163]. وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده،وينهاهم عن عبادة الطاغوت. والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاًأَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ[النحل:36]. وافترض الله علىجميع العباد الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله. قال ابن القيم رحمه الله: ( معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود، أومتبوع، أو مطاع ). والطواغيت كثيرون، رؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عبد وهو راض، ومن دعاالناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله. والدليل قوله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدمِن الْغَي فَمَن يَكْفُرْ بالطَّاغُوت وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَبِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انَفِصَام لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[البقرة:256]. وهذا هو معنى ( لا إله إلا الله ). وفي الحديث: {رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة،وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله}. والله أعلم... تمت الأصول الثلاثة. | |
|